![]()
لم تعد الأزمة التي يعيشها المجتمع المصري مجرد مشاهد متفرقة من قصص طلاق أو عزوف عن الزواج، بل تحولت إلى زلزال اجتماعي صامت يضرب جذر البناء الإنساني الأول في حياتنا آلآ وهى الأسرة فما ما يحدث اليوم ليس عبثًا عابرًا، بل مخطط متقن المعالم، تسلل إلينا في ثوب «الحرية» و«الاستقلال» و«التحضر»، حتى أصبحنا نحتفل بما كان عيبًا، ونسخر مما كان فضيلة.
ففي الوقت الذي تنشغل فيه الشعوب بحماية حدودها من الغزو العسكري، تتعرض مصر لغزوٍ أخطر وأقسى .. غزو ناعم يستهدف الأسرة المصرية من الداخل بهدوء ودهاء، تُعاد صياغة الوعي وتُشوَّه المفاهيم حتى أصبحنا نرى العُري تحضّرًا، والحشمة تخلفًا، والتمرد حرية.
ما يجري ليس صدفة، بل مخطط طويل الأمد يهدف إلى تفكيك البيت المصري، وسحب القيم من جذورها، لينهار الوطن وهو يبتسم.
فهل نستيقظ قبل أن نصحو على مجتمع بلا هوية .. وأجيال بلا انتماء؟
حرب بلا دخان .. لكنها تقتل القيم
ما يحدث اليوم ليس مجرد أزمة أخلاقية أو مشكلة اجتماعية، بل عملية منظمة لتدمير أساس المجتمع المصري: الأسرة.
الأرقام تنطق بوضوح:
أكثر من 13.5 مليون فتاة تجاوزن الثلاثين دون زواج، وما يزيد على 6.5 مليون حالة طلاق، و5 ملايين أرملة، وآلاف القضايا يوميًا أمام محاكم الأسرة.
إنها أرقام مرعبة تكشف أننا أمام زلزال اجتماعي حقيقي يُعيد تشكيل المجتمع على أنقاض المودة والرحمة.
قوانين مشبوهة ومنظومة مقلوبة
القوانين التي تحكم العلاقات الأسرية اليوم لا تشبه المجتمع المصري ولا دينه. من زواجٍ إلى خُلعٍ إلى تمكينٍ إلى نفقةٍ إلى حبس، تحوّل الرجل من شريك إلى متهم، وتحوّلت المرأة من نصف المجتمع إلى ضحية منظومة تُغريها بالتمرد وتمنع عنها الأمان.
أما الإعلام، فقد تولّى مهمة «غسل الوعي» يصوّر الأب عاجزًا، والأم متسلطة، والعائلة سجنًا كبيرًا يجب الهروب منه وهكذا تهاوت القوامة، وضاعت القدوة، وتبدلت المعايير.
معركة الحياء .. عندما يُصبح الانفلات حضارة
نجح أعداء الداخل والخارج في تسويق العُري والانفلات على أنهما مظهر للتقدم، بينما صُوّر الستر والالتزام كرجعية وتخلّف ونشاهد ذلك يوميًا في المهرجانات البراقة، والإعلانات الصارخة، ومواقع التواصل التي تزرع الانبهار بالسطحية وتغتال الحياء.
لقد تحوّلت الفاحشة إلى «حرية شخصية»، والزواج إلى «صفقة استثمارية»، وباتت الموضة والدعاية أدوات حرب تستبدل الهوية المصرية الأصيلة بهوية مستوردة بلا جذور.
المرأة والرجل .. ضحيتان في حرب واحدة
ليست المرأة خصم الرجل، ولا الرجل عدو المرأة؛ بل هما ضحيتان لمخطط واحد يستهدف تفكيك المجتمع بأسره فالمرأة فقدت دورها كحضن للأمان، والرجل تخلّى عن مسؤوليته أو أُجبر على الانسحاب، فانهارت معادلة القوامة والاحتواء، وسقطت المودة من البيوت.
إنها معركة الوعي لا معركة الجندر، ومَن يخسر فيها لا يخسر أسرته فقط .. بل يخسر وطنه.
طريق النجاة .. العودة إلى الأصل
لن يُصلح هذه الأمة إلا ما أصلح أولها: الرجوع إلى الدين والضمير.
فلا قوانين مُستوردة ستبني أسرة، ولا شعارات جوفاء ستحمي بيتًا.
الحرية ليست تمردًا، والاستقلال لا يعني القطيعة، والمساواة ليست خصومة.
علينا أن نعيد بناء الأسرة المصرية على ما أراده الله:
مودة ورحمة وعدل وتكامل، لا خصامًا وتحديًا وخصخصة للمشاعر.
إن الأسرة هي آخر حصون الأمة، وإذا سقط هذا الحصن، فلن يبقى للوطن جدار واحد يستند إليه.
الختام:
لقد بدأت الحرب فعلًا .. لكنها ليست بالحجارة ولا بالرصاص، بل بالعقول والقلوب ومن لم ينتبه اليوم، سيستيقظ غدًا على وطنٍ بلا ملامح، وأجيالٍ بلا هوية، وقيمٍ لا تجد من يرثها.
أنقذوا الأسرة .. تُنقذوا الوطن.
اغتيال الأسرة المصرية .. جريمة القرن تُنفذ بلا دماء!
من داخل البيوت بدأت الحرب .. قوانين مشبوهة، وإعلام هابط، وثقافة دخيلة تسحب الوطن نحو الانهيار الأخلاقي والقيمي .. الأسرة تُفكك بهدوء، والمجتمع ينزف كرامته بصمت!
بقلم عماد جبر



