شهدت قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة حدثًا تاريخيًا غير مسبوق، تمثل في انعقاد “ملتقى الجامعات المصرية والفرنسية” بمشاركة رفيعة المستوى وحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعدد من كبار الشخصيات الأكاديمية والدبلوماسية من مصر وفرنسا.
وأكد الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، أن الملتقى يشكل محطة فارقة في مسيرة التعليم العالي والشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، ويعكس دعمًا سياسيًا كبيرًا من الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون نحو تعزيز أطر التعاون الأكاديمي والعلمي بين البلدين.
وكشف الوزير عن توقيع 42 بروتوكول تعاون بين الجامعات المصرية والفرنسية، تشمل 70 برنامجًا بينيًا و30 درجة علمية مزدوجة تتماشى مع متطلبات سوق العمل ووظائف المستقبل، كما جرى توقيع خطاب نوايا بين المجلس الأعلى للجامعات وتحالف المدارس الفرنسية، إيذانًا بإطلاق شراكات معرفية جديدة.
وأضاف د. عاشور أن مصر تشهد تحولًا نوعيًا غير مسبوق في منظومة التعليم العالي، حيث تضم اليوم 116 جامعة تخدم نحو 4 ملايين طالب، من بينهم 180 ألف طالب وافد من 117 دولة، مشيرًا إلى أن 53% من طلاب التعليم العالي في مصر من الإناث، وهو ما يعكس تمكينًا حقيقيًا للمرأة في إنتاج المعرفة والمشاركة في التنمية.
وأشار إلى أن بنك المعرفة المصري، الذي يعد أكبر منصة رقمية تعليمية في العالم، يجسد توجه الدولة نحو الاستثمار في المعرفة وتصديرها عربيًا وإفريقيًا، ضمن رؤية شاملة تستند إلى الابتكار والتحول الرقمي وتدويل التعليم.
من جانبه، أشاد فيليب بابتيست، وزير التعليم العالي الفرنسي، بمكانة جامعة القاهرة التي وصفها بأنها منارة فكرية استقبلت على مدار تاريخها كبار الشخصيات والعلماء والمفكرين، ولعبت دورًا مهمًا في إرساء قيم السلام العالمي. وأكد أن الملتقى يعكس عمق العلاقات التاريخية والعلمية بين مصر وفرنسا، وأن التعاون العلمي هو أساس للحوار بين الشعوب وبناء مستقبل مشترك للأجيال القادمة.
وأضاف الوزير الفرنسي أن التاريخ بين مصر وفرنسا ليس وليد اللحظة، بل ممتد منذ قرون في مختلف مجالات العلوم والفنون، مؤكدًا أن فرنسا شريك رئيسي في كل الثورات العلمية التي تستهدف خدمة الإنسانية.
وفي كلمته، رحب الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، بالحضور، مؤكدًا أن انعقاد الملتقى في رحاب الجامعة وتحت رعاية الرئيسين المصري والفرنسي يعكس المكانة الرائدة للجامعة كمؤسسة تعليمية عريقة ومحورية في دعم الحوار الثقافي والعلمي.
وأشار إلى أن جامعة القاهرة، التي تأسست عام 1908، كانت ولا تزال منبرًا للتنوير، وقد خرجت آلاف القادة والمبدعين والعلماء، مضيفًا أن الجامعة تسعى إلى توسيع آفاق الشراكة مع المؤسسات الفرنسية في مختلف المجالات، وعلى رأسها الهندسة، الطاقة، الآثار، والحضارات الشرقية.
وفي ختام فعاليات الملتقى، وقّعت جامعة القاهرة 6 مذكرات تفاهم مع عدد من أعرق الجامعات والمعاهد الفرنسية، منها:
جامعة باريس-سوربون
جامعة سوربون الجديدة
جامعة إكس-مارسيليا
المعهد الوطني للعلوم التطبيقية في ليون (INSA Lyon)
المعهد الوطني للغات والحضارات الشرقية (INALCO)
وتهدف هذه الاتفاقيات إلى إنشاء برامج دراسية بشهادات مزدوجة، وتبادل الزيارات العلمية بين الأساتذة والطلاب، وتنفيذ مشروعات بحثية مشتركة.
الملتقى يمثل تجسيدًا عمليًا لعلاقات التعاون المصري الفرنسي في مجالات التعليم العالي والبحث العلمي، ويمهد الطريق أمام أجيال جديدة من الباحثين والمفكرين لبناء مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة.
من قلب قبة جامعة القاهرة .. مصر وفرنسا تطلقان شراكة تعليمية نحو المستقبل
كتب: عماد جبر