fbpx

هل تنجح النظم البيئية السليمة فى مواجهة التغيرات المناخية؟ البداية بطائر الحبارى ثم الغزلان

12 يوليو 2022آخر تحديث :
كتب: عماد جبر

هل تنجح النظم البيئية السليمة فى مواجهة التغيرات المناخية؟ البداية بطائر الحبارى ثم الغزلان
تمثل الحلول القائمة على الطبيعة واستعادة كفاءة النظم البيئية الحل الأمثل لمواجهة آثار التغيرات المناخية والتكيف معها، خاصة عندما يتعلق الأمر ببعض أنواع الطيور والحيوانات المهددة بالانقراض نتيجة للآثار السلبية للتغيرات المناخية، ولعل أبرزها طائر الحبارى، والذي لعبت التغيرات المناخية دورا كبيرا في تدهور حالته تدريجيا، نتيجة موجات الجفاف الحادة وارتفاع درجات الحرارة، والتي أثرت على كل مكونات التنوع البيولوجي الموجودة في الصحراء الغربية .
وفي تقرير، اليوم، حول أهم الجهود التي تبذلها الدولة المصرية بشأن مشروع إعادة إطلاق وتوطين طائر الحباري في مصر “2000 طائر من نوع الحبارى الإفريقية” بالتعاون مع الجانب الإماراتي؛ حماية للتنوع البيولوجي، خاصة وأن العالم على مشارف التصديق على خارطة طريق عالمية للتنوع البيولوجي لما بعد 2020 حتى 2050، تتضمن كيفية الحفاظ على الكائنات المهددة بالانقراض وحمايتها، بالإضافة إلى أن الحكومة المصرية ستخصص خلال استضافتها لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي “كوب 27” يوما خاصا للطبيعة والتنوع البيولوجي.
وقال رئيس الإدارة المركزية للتنوع البيولوجي بوزارة البيئة الدكتور أيمن حمادة في تصريح ل ا ش ا ، إن التقارير والدراسات والأبحاث تؤكد أنه كلما كانت النظم البيئية صحية وسليمة تكون قادرة على امتصاص 60% من الكربون الناتج عن النشاط البشري وغازات الاحتباس الحراري، لذلك بدأت وزارة البيئة في استعادة كفاءة النظم البيئية لتكون إحدى أدوات التكيف ومواجهة ضغوط التغيرات المناخية.
وأضاف حمادة، أن المشروع خطوة ضمن خطوات أخرى قادمة لإعادة تأهيل أنواع انقرضت واختفت من البيئة المصرية، وخطوة نحو إعادة إصحاح وإعادة الوضع البيئي السليم للنظم البيئية في الصحراء الغربية واستعادة كفائتها عن طريق الاهتمام بكل مكونات البيئة من نباتات وطيور وحيوانات، وقد بدأنا بالطيور، معلنا أن هناك خطوة قريبة لإدخال وتوطين بعض أنواع الغزلان الموجودة في نفس المنطقة.
وأوضح أن النوع المستهدف في المشروع يطلق عليه “الحبارى الإفريقية” ويتواجد وينتشر بدول شمال إفريقيا، ومن بينها مصر، وكان يجب قبل تنفيذ المشروع التأكد بشكل قاطع أن السلالة المستخدمة للإكثار وإعادة الإطلاق هي ذاتها السلالة المحلية المتواجدة أو التي اعتادت على التواجد في مصر، وذلك عن طريق تحاليل الحامض النووي والبيولوجيا الجزيئية ومقارنة النتائج بالعينات المرجعية المحفوظة في المكتبات الجينية.
الموئل الطبيعي للحبارى
هل تنجح النظم البيئية السليمة فى مواجهة التغيرات المناخية؟ البداية بطائر الحبارى ثم الغزلان
وأشار الدكتور أيمن حمادة إلى أن ذلك النوع يعيش في البيئة الصحراوية والعشبية مثل السهول الرملية والزلطية التي تتميز بالغطاء النباتي العشبي مثل مناطق الصحراء الغربية في صحراء محافظة مرسى مطروح وحول وادي النطرون، حيث تعد تلك المناطق بيئته الطبيعية في مصر، ويفضل الطائر المناطق الواسعة والمفتوحة، والتي تتنوع فيها البيئات ومصادر الغذاء، حيث أنه كثير التنقل والحركة بحثاً عن أفضل مناطق الغذاء ووفرة الموارد الطبيعية، فيما يتغذى على مدى واسع من المصادر الحيوانية مثل اللافقاريات والنباتية مثل العشب وبذور النباتات.
الوضع الحالي للحبارى في مصر
وقال إنه لا تتوافر معلومات موثقة عن الوضع الحالي، ولكن الدلائل تشير إلى أن الطائر وصل إلى مرحلة حرجة من التعرض للانقراض أو على وشك الانقراض، وأن آخر المشاهدات المنشورة كانت في فترة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي برغم تسجيل بعض العلماء لمشاهدات في الفترة 1965-1967، وهناك مشاهدات أخرى غير موثقة وغير منشورة في فترات لاحقة في التسعينيات وبداية القرن الحالي في 2005 ولكن لا يعتد بها لعدم توثيقها.

محتويات المقال

إطلاق طيور الحبارى في البرية ومتابعتها

وذكر الدكتور أيمن حمادة أنه نظراً لإكثار طائر الحبارى وتربيته في الأسر واعتياده على نمط الحياة في الأسر، مما يجعل ذلك يتطلب آلية خاصة عند إعادة الإطلاق تعتمد على تأهيل طيور الحبارى للإطلاق ثم الترصد والمراقبة والمتابعة، والهدف من ذلك تأهيل الطيور تدريجياً للتعود على الحياة في البرية وعلى اعتمادها على نفسها في توفير الغذاء والتأقلم على ظروف البرية الجديدة بالنسبة لطيور نشأت في الأسر، لافتا الى أنه بعد إطلاقها يجب التأكد من متابعة مدى تأقلمها على العيش في تلك البيئة الجديدة، وكذلك التأكد من عدم هلاكها أو نفوقها ومن نجاح التجربة، ولكي يتم ذلك يتم تركيب وحدات تتبع عن بعد “telemetry” على الطيور؛ لتسهيل عملية الوصول لكل فرد من أفراد الطيور، أو تركيب أجهزة تتبع عن طريق الأقمار الصناعية وتستخدم في مراقبة ومتابعة حركة وهجرة الطيور.

المتطلبات الأساسية لمشروع إعادة إطلاق وتوطين طيور الحبارى

ونوه بأن الطريقة الأمثل لتنفيذ المشروع هي تأسيس وإنشاء مركز لإكثار الطائر في مصر يكون بمثابة مشروع لصون تلك الطيور ومصدر لاستخدامها في إعادة الإطلاق واكتساب تلك الخبرات الجديدة في مصر.

العوامل المحددة لنجاح المشروع

وأشار الدكتور أيمن حمادة إلى أن هناك عدة عوامل تم دراستها وتحديدها ومطلوبة لنجاح المشروع وأهمها: التأكد من خلال تحليل الحامض النووي والبيولوجيا الجزيئية من أن نوع الطائر هو نفس النوع الذي يعيش في مصر، اختيار منطقة الإطلاق اختياراً دقيقاً بناء على توافر الغذاء والمفترسات الطبيعية والأنشطة البشرية، لذلك تم اختيار محمية العميد بمحافظة مطروح، التي شهدت مؤخرا عملية أول إطلاق وإعادة توطين لطائر الحبارى، تأهيل الطيور للإطلاق وللعيش في البرية كأن تعتاد على التغذية بنفسها في البرية، وكذلك التدريب على التعامل مع المفترسات الطبيعية إذا كانت موجودة في منطقة الإطلاق، التأكد من الحالة الصحية للطيور قبل إطلاقها لتجهيزها للحياة والعيش الجيد لعملية المراقبة والرصد بعد الإطلاق والتدريب على الطرق المستخدمة، إشراك المجتمع المحلي في العملية؛ لضمان دعمه ومساهمته في نجاح التجربة وعدم تشكيل ضغوط على الطيور بعد إطلاقها بصيدها أو أي طريقة إزعاج أخرى.
وقال إنه تم تشكيل لجنة برئاسة وزارة البيئة وعضوية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومحافظة مرسى مطروح؛ لتشرف على تنفيذ المشروع بالتعاون والتنسيق مع الجانب الإماراتي، بحيث يشارك خبراؤهم في أعمال اللجنة الإشرافية، وتم استقبال الطيور في مسيج مناسب مع توفير الرعاية الصحية البيطرية لتلك الطيور؛ للتأكد من حالتها الصحية، كما تم التنسيق مع ممثلي وشيوخ المجتمع المحلي؛ لتوفير الحماية للطيور بعد إطلاقها.