لم يكن احتفال الأمة بميلاد النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مجرّد مناسبة عابرة، بل هو تعبير عن محبةٍ صادقة واتباعٍ عملي لهديه الشريف. وقد خلّد العلماء والأولياء والصالحون على مر العصور فضائل هذا اليوم العظيم، وبيّنوا ما فيه من بركات ونفحات.
فقد قال الإمام الحسن البصري رضي الله عنه:
“وددتُ لو كان لي مثل جبل أُحد ذهباً لأنفقه في الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.”
وقال الإمام الجنيد البغدادي قدس سره:
“من حضر مولد النبي وعظّم قدره فقد فاز بالإيمان.”
وبيّن الشيخ معروف الكرخي قدس سره أن:
“من هيأ طعاماً وجمع أحبابه وأوقد السراج وتزين وتعطر تعظيماً لمولد النبي صلى الله عليه وسلم، حشره الله يوم القيامة مع النبيين وكان في أعلى عليين.”
كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:
“من جمع الناس لمولد النبي وهيأ لهم طعاماً وأدخل الفرح على قلوبهم، بعثه الله يوم القيامة مع الصديقين والشهداء والصالحين.”
وقال السري السقطي قدس سره:
“من قصد موضعاً تُقرأ فيه سيرة النبي، قصد روضةً من رياض الجنة، لأنه ما قصد ذلك إلا محبةً للحبيب صلى الله عليه وسلم.”
أما الإمام جلال الدين السيوطي فقد أشار في كتابه الوسائل في شرح الشمائل إلى أن:
“من قرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته رفع الله عنه البلاء والوباء والآفات، ويسّر له الجواب في القبر، وجعله في مقعد صدق عند مليك مقتدر.”
ويؤكد الحافظ ابن حجر الهيتمي في كتابه إتمام النعمة الكبرى على العالم بمولد سيد ولد آدم أن هذه الأقوال لم تصدر إلا من أهل العلم والإيمان، الذين عرفوا قدر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
معنى الاحتفال الحقيقي
الاحتفال بمولد الهادي صلى الله عليه وآله وسلم ليس مجرد أمسية دينية أو كلمة تُلقى لتحريك المشاعر، بل هو التزام عملي بمنهجه الشريف:
الاحتفال به يكون باتباع أوامره واجتناب نواهيه.
الاحتفال به يكون بالاقتداء بسنته والتخلق بأخلاقه.
الاحتفال به يكون بكثرة قراءة القرآن، والاستغفار، والإكثار من الصلاة والسلام عليه.
الاحتفال به يكون بأكل الحلال، والمحافظة على الصلاة، وبر الوالدين، وإكرام الجار، والبعد عن الحرام.
الاحتفال به يكون بإتقان العمل، وأداء الأمانة، وخدمة الناس، وحب الله ورسوله والمؤمنين.
خلاصة
من أراد أن يُدخل السرور على قلب سيد الأكوان صلى الله عليه وآله وسلم، فليجعل حياته كلها احتفالاً بمولده، وذلك بالعمل الصالح، والأخلاق الكريمة، والسير على هديه القويم. فذلك هو الاحتفال الأعظم بميلاد من أرسله الله رحمةً للعالمين.
الاحتفال بالمولد النبوي .. تجديد للعهد واتباع للنهج
كتب: احمد على ضرار