fbpx

كورونا و السياحة الخاسر الاكبر

14 سبتمبر 2020آخر تحديث :
كتبت: امنية مجدى

كان ولا يزال لفيروس كورونا آثاره الوخيمة على السياحة العالمية التى تعد أكثر القطاعات الاقتصادية المتضررة من انتشار المرض فى العديد من بلدان العالم.. إلا أنه فى الوقت نفسه سوف تظل السياحة هى أكثر الانشطة الإنسانية مرونة على الإطلاق فى احتواء المشكلة والتعافى منها، هذا ما تؤكده الشواهد والتجارب والأزمات على مر التاريخ البعيد والقريب حيث سبق أن تعرض العالم للعديد من الاوبئة الخطيرة خاصة خلال فترات الحروب إلا أن ذلك لم يكن له أثر طويل المدى على السياحة العالمية التى سرعان ما تستعيد عافيتها وانطلاقها بمعدلات نمو أكثر مما كانت عليه قبل أى أزمة. وأحداث الركود السياحى العالمى خلال عام 1991 أثناء حرب العراق وعام 2001 خلال أحداث سبتمبر بالولايات المتحدة وعام 2003 أثناء تفشى فيروس سارس وعام 2009 خلال الازمة الاقتصادية العالمية كلها أحداث ليست ببعيدة عن الذاكرة حيث أثبتت السياحة قدرتها الفائقة على تجاوزها بنجاح لتنطلق بمعدلات نمو الاقتصاد العالمى إلى آفاق رحبة.

إن هذه الميزة التى تتفرد بها السياحة لا زالت لم تستثمر بعد فى خضم الذعر السائد من انتشار فيروس كورونا رغم أنه دون تهوين أو تهويل يعد أقل وطأة وخطرا مما سبقه من أوبئة وأزمات كانت أشد تأثيرا.. ولا زال الفكر العالمى فى هذا الإطار يقتصر على تجميد أنشطة السياحة والسفر باعتباره سببا محتملا فى انتشار كورونا.. ولم يرتق هذا الفكر لاستغلال السياحة كعنصر فاعل وقوى فى مواجهة الفيروس واكتشافه ومحاصرته والقضاء عليه بل استخدام السياحة كمؤشر فريد فى قياس فاعلية الجهود العالمية للقضاء على منع الإصابة وانتقال العدوى بالمرض وما عداه من أمراض وبائية أخرى تهدد الإنسانية سواء بكمون المرض فى إقليم ما أو بانتقال عدواه محليا أو عالميا من مكان لآخر.

قد أثبتت الحملة العالمية لمقاومة الفيروس آثارها الإيجابية على الاهتمام بالإجراءات الاحترازية على مستوى الافراد والجماعات فى كل دول العالم وهو ما يبشر بتدشين ثقافة جديدة لها صفة الشيوع العالمى لتتجسد فى السلوكيات العامة لدى البشر عامة وهو ما له انعكاس إيجابى ممتد المدى على الصحة العامة، ويمثل تجربة إنسانية وتاريخية جديدة فى صراع الإنسان مع ما يهدد وجوده ومكتسباته فى طبيعة لا تخلو بطبيعتها من المخاطر الدائمة وليس هناك أفضل ولا أقوى من السياحة لكشف كل مستور ومواجهته بقوة وشراسة من خلال زيادة المناعة العالمية بإجراءات تكاملية دولية وسلوكيات فاعلة وهذا ما يجب أن يعتمده العالم الان باعتبار السياحة هى الحل لمواجهة الفيروس وليس العكس باعتبارها سببا فى انتشاره.