في مشهد استثنائي يرسّخ عمق العلاقات المصرية الفرنسية، استقبلت جامعة القاهرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في زيارة تاريخية جسدت رؤية مشتركة لمستقبل قائم على المعرفة، والحوار الثقافي، وتمكين الأجيال الجديدة.
تحت قبة الجامعة العريقة، وجّه ماكرون خطابًا مؤثرًا إلى طلاب مصر، مؤكدًا أن “مستقبلكم هو مستقبل القارة… ومسؤوليتنا أن نمنحكم الأدوات لصناعته”. كلمات حملت تقديرًا حقيقيًا لدور الشباب كمحرّك أساسي للتنمية وصانع للغد، لا مجرد متلقٍّ للتغيير.
إشادة بدور الجامعة ومكانتها الدولية
رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة، باسم الجوهري، وصف الزيارة بأنها “لحظة فارقة تؤكد أن جامعة القاهرة ليست فقط منارة أكاديمية، بل لاعب محوري في تشكيل العلاقات الدولية الحديثة”. وأضاف: “كلمات ماكرون كانت دعوة مفتوحة للابتكار، وتحفيزًا مباشرًا لطاقة الشباب المصري”.
وفي تعبير عن فخرها، قالت الطالبة شهد وليد: “حين وصف ماكرون مصر بأنها أعرق الحضارات وأكثرها شبابًا، شعرت بأننا نحمل عبئًا حضاريًا ومسؤولية استثنائية”. وأشارت إلى أن جامعة القاهرة تواصل ترسيخ مكانتها كرمز للتفوق العلمي والثقافي على الساحة الدولية.
الشباب في قلب الرسالة
الطالبة هبة خالد، من كلية التمريض، أعربت عن تفاؤلها بتوسّع التعاون العلمي مع فرنسا، خصوصًا في مجالات الصحة، مؤكدة أن هذا النوع من الشراكات “يمس حياتنا كطلبة ويمهّد الطريق لمهنيين أكثر تأهيلاً”.
ومن كلية الحقوق، أكد الطالب مروان دياب أن حديث الرئيس الفرنسي عن “أهمية سيادة القانون والحوار بين الثقافات” يعكس جوهر ما يتلقاه طلاب القانون، قائلاً: “كان ذلك درسًا حيًّا في الدبلوماسية العملية”.
أما خالد أحمد، فلفت إلى أن حوار ماكرون مع طلاب الجامعة لم يكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل تجسيد للاحترام العميق لدور الجامعات في صياغة المستقبل.
الطالبة سما أحمد طه رأت في إشادة ماكرون بجيل الشباب “دفعة قوية للاستمرار في الابتكار”، فيما قالت نور وليد إن الرئيس الفرنسي “أعاد تعريف الطالب كشريك في صناعة القرار، لا كمتلقٍ سلبي”.
شراكات علمية وثقافية راسخة
وعلى هامش الزيارة، تم توقيع 42 اتفاقية تعاون بين الجامعات المصرية والفرنسية، شملت 30 برنامجًا مشتركًا يمنح شهادات مزدوجة، بالإضافة إلى توسيع فرص التبادل الأكاديمي والمنح الدراسية، وتأسيس الحرم الجامعي الجديد للجامعة الفرنسية في مصر.
واختتم ماكرون زيارته برسالة حملت الكثير من المعاني: “الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في الإنسان… والمستقبل يُبنى بالابتكار لا بالاستهلاك”. وهي كلمات لاقت صدى واسعًا بين الطلاب، الذين رأوا فيها خارطة طريق لمرحلة جديدة من التعاون القائم على الإبداع والثقة المتبادلة.
جامعة القاهرة… منارة تتجدد
بهذه الزيارة، أكدت جامعة القاهرة من جديد أنها ليست مجرد مؤسسة تعليمية، بل مركز فكري نابض، يواصل أداء دوره الريادي في صناعة المعرفة، وقيادة الحوار الحضاري، وتمكين الأجيال نحو مستقبل أكثر إشراقًا للإنسانية جمعاء.