fbpx

خبراء هيئة تعليم الكبار: الفقر والبطالة أهم أسباب تسرب الدارسين من فصول محو الأمية

10 ديسمبر 2020آخر تحديث :
كتبت: ياسمين عبد السلام
خبراء هيئة تعليم الكبار: الفقر والبطالة أهم أسباب تسرب الدارسين من فصول محو الأمية
فصول محو الأمية

مازالت نسبة الأمية في الدولة المصرية كبيرة خاصة بالمحافظات الريفية وصعيد مصر، فقد وصلت بمحافظة المنيا إلى 42% بعام 2019، تليها بني سويف التي وصلت إلى نحو 40% من إجمالي عدد سكانها، فيما سجل محافظات الحدود أقل معدلات للأمية، حيث بلغت 12% في محافظة البحر الأحمر، و16.6% في جنوب سيناء، وفي المحافظات الحضرية، سجلت الإسكندرية أعلى معدل بلغ 19% بعام 2017، تلتها القاهرة التي سجلت 16.2%، ثم السويس التي سجلت 15.3%، وأقل معدل سجلته بورسعيد بذات العام، حيث بلغت نسبة الأمية بها 14.1%.

وبالحديث عن نسبة الأمية في الريف فقد بلغت 32.2% مقابل 17.7% بالحضر عام 2017، وانخفض المعدل بين الشباب في الفئة العمرية من 15:24 سنة مقارنة بكبار السن (60 سنة فأكثر)، حيث بلغ 6.9% للشباب، مقابل 63.4%ٌ لكبار السن.

ولكن، وفقا لما أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فقد انخفضت نسبة الأمية في مصر إلى 25.8% وفقا لتعداد 2017، الذي سجل وصول عدد الأميين إلى 18.4 مليون فرد مسجلا بذلك ارتفاع عن عام 2006، والذي وصل فيها عدد الأميين بمصر إلى 17 مليون فرد، وأوضح البيان الصادر بأواخر العام الماضي، بلوغ معدل الأمية للذكور 21.1% مقابل 30.8% للإناث بعام 2017.

وقد رصد البيان أسباب رئيسية لعدم التحاق الأميين بالتعليم، حيث جاءت عدم رغبة الأسرة بالمرتبة الأولى بنسبة 34.2%، ثم الظروف المادية بنسبة 27%، عدم رغبة الفرد بنسبة 23.2%، وأخيرا صعوبة الوصول إلى المدرسة بنسبة 8%.

وعن تسرب الدارسين من فصول محو الأمية، أشارت د. وفاء زعتر، أحد الخبراء السابقين بهيئة تعليم الكبار، إلى أن الفقر الشديد هو أحد أهم الأسباب الرئيسية التي لا تجعل كثير من الأميين يلجأون إلى محو أميتهم، ومن يتوجه فيهم إلى تلك الفصول لا يداوم على حضورها، قائلة: “الساعة بالنسبة للفلاح في جمع المحصول وحصاده ممكن توصل لـ 100 جنيه، لكن لما يروح الفصل هياخد كام .. ده تفكير الفلاح المصري البسيط”، غير أن لانخفاض قيمة التعليم بمصر سببا واضحا لذلك التسرب، ورؤية الأمي للمتعلم الباحث عن وظيفة حكومية لسنوات طويلة مع ارتفاع نسبة البطالة، يجعله غير مكترث بأن يتخلى عن دخله اليومي من الزراعة وغيرها من الأعمال الحرفية التي لا تحتاج إلى القراءة والكتابة، في سبيل محو أميته، “إذا كان خريج الجامعة مش لاقي شغل، أنا شهادة محو الأمية دي هي اللي هتشغلني!!”، هكذا يفكر دأئما أهالي القرى والأرياف.

وأوضحت أن الباحثين عن شهادة محو الأمية والراغبين في الحصول عليها غالبا من هم يرغبون في السفر إلى إحدى الدولة العربية أو استصدار أوراق حكومية هامة أو رخصة للقيادة تطلب ألا يكون الفرد أمي، ولكن بالنظر إلى سيدات القرى، فما الحافز الذي يجعلها تتخذ قرار التخلي عن جزء من وقتها تقضيه بمنزلها وسط أولادها وبصحبة زوجها في الأرض؟!، فتقدم هيئة تعليم الكبار بالتعاون مع جهاز المشروعات ووزارة التضامن الاجتماعي إمكانية الحصول على قروض لعمل مشروعات صغيرة بالتعاون مع الجمعيات الأهلية التي تبدأ في تعليمهن الكثير من المهارات والحرف اليدوية، يجعل لهذه السيدة دخلها الخاص، ولكن كي تستطيع الإقدام على طلب هذا القرض لإقامة مشروع لابد لها من حمل شهادة تثبت قدرتها على القراءة والكتابة، وحينئذ تتولى هيئة تعليم الكبار البحث عن فصول لجمع هؤلاء وتعليمهم، من خلال مدربين متخصصين، وأضافت زعتر مبررا ثانيا للجوء البعض إلى محو أميتهم، وهو رغبتهم في قراءة القرآن وفهم آياته وحفظها، ايضا رغبة بعض السيدات في تعليم أولادهن ومتابعتهن، ولن يتم ذلك بدون محو أميتها هي أولا، كي تتمكن من ملازمتهم بمختلف المراحل الدراسية خاصة بدايتها.

وفيما يتعلق بتقليص فترات التدريس بفصول محو الأمية من 9 إلى 3 أشهر، أشارت خبيرة تعليم الكبار إلى أنه هناك مجموعة من البرامج ولكل منها مدة محددة، ولن يتم استخدام هذه البرامح مع جميع الدارسين والطلاب، نتيجة للفروق الفردية فيما بينهم، وكي تناسب مختلف الفئات، فهناك من هم يعرفون القراءة والكتابة لكنهم غير حاصلين على شهادة، مثل هؤلاء بحاجة إلى برامج ذات مدة قصيرة لتذكرتهم وتمكينهم من الحصول على شهادة تثب محو أميتهم، وهنا خصص برنامج مدته تصل إلى 3 شهور فقط حتى لا يشعر الدارس بالملل ومن ثم التسرب من الفصول والعملية التعليمية، وهناك من هم غير قادرين على القراءة والكتابة لكنهم ذوات قدرات عقلية عالية، وهنا خصص برنامج مدته 6 أشهر، وأخيرا ذوي القدرات الأقل، يخصص لهم البرامج التي تصل مدتها إلى 9 شهور، فالقدرات الفردية هي الحاسم.

وعن متابعة هؤلاء الدارسين بعد اجتيازهم اختبارات محو الأمية بنجاح والحصول على الشهادة، فقد أوضحت د. وفاء أنه هناك برامج للمتحررين من بعد محو أمية، فهناك مكتبات مخصصة لهؤلاء بمختلف أنحاء الجمهورية بها عشرات الكتب والمواد الإسرائية، لاستمرار العملية التعليمية، كما أنه في كثير من الأحيان يتم إتاحة الفرص للنابغين منهم ومن لديهم استعداد للمواصلة لدخول المرحلة الإعدادية، فهناك الكثيرين ممن لم يكتفوا بشهادة محو الأمية، بل واصلوا المرحلة الإعدادية والثانوية ايضا، وهنا يأتي دور هيئة تعليم الكبار في توفير دروس تقوية لهؤلاء مجانا لتشجيعهم على المواصلة.

وعن تطبيق الخدمة العامة على الفتيات الحاصلات على الشهادة الجامعية لتمكينهم من التقدم إلى الوظائف الحكومية، فأكدت أن هذا الشرط متواجد منذ أكثر من خمسة عشر عاما، لكنه غير مطبق في كثير الأحيان، خاصة بهذه السنوات المسموح بها للدولة تعيين الخريجين بالمؤسسات والهيئات الحكومية، “كان شرط من أكثر من 15 سنة عشان تتعين كخريج جامعة في أي وظيفة حكومية أنك تكون أديت الخدمة العامة، فالبنت ممكن تشتغل في حضانة أو جمعية خيرية أو تبع وزارة التضامن، أو تمحي أمية عدد من الأفراد .. وهنا بيجي دور الهيئة في توفير الفصول وتدريب الخريجين على كيفية التدريس للفئة دي بأعمارهم وثقافتهم المختلفة”، هكذا قالت زعتر، ولكن حاليا فلا تحرص الكثير من الفتيات على آداء هذه الخدمة، حيث أنه ليس هناك تعيين، وهي ليست مضطرة لبذل هذا الجهد والوقت المهدر، لذا يتم اللجوء في كثير من الأحيان إلى من هم حاصلون على دبلومات وتدريبهم وتعليمهم لفترة من الوقت من خلال بعض الدورات التي توفرها هيئة تعليم الكبار بالتعاون مع رئاسة مجلس الوزراء ووزارة التعليم، تلك الدورات التي تؤهلهم للتدريس لهؤلاء الأميين، وتقتصر مهمة المدرب هنا على الاتيان بالأميين حسب العدد المحدد له، وتتولى الهيئة توفير الأدوات المكتبية والكتب بالإضافة إلى إعطاؤه راتب نظير الخدمة التي أداها.