fbpx

45 نباتا متوطنا بمصر تواجه خطر الانقراض أمام تغيرات المناخ.. هل يوجد طريقة لحمايتها؟

إدراج 11 نوعا بكاترين كأنواع مهددة عالميا على القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة

29 مارس 2022آخر تحديث :
كتبت: هند سعيد

45 نباتا متوطنا بمصر تواجه خطر الانقراض أمام تغيرات المناخ.. هل يوجد طريقة لحمايتها؟
على مدى الـ100 عام الماضية، كانت الاتجاهات في فقدان التنوع البيولوجي النباتي مصدر قلق رئيسيًا، ورغم كل الجهود المبذولة للحفاظ على تنوع النباتات، لا يزال الوضع ينذر بالخطر.
واليوم ونتيجة للآثار السلبية للتغيرات المناخية، والتي تلقي بظلالها على حالة كوكبنا الجيولوجية والبيولوجية والنظم البيئية، نجد أن هناك 45 نباتا متوطنًا بمصر -أي غير متواجدة في أي بقعة في العالم سوى مصر- وتم إدراج 11 نوعًا فقط كأنواع مهددة عالميًا على القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، يأتي في مقدمتها نباتات “خص الجبل” و”الورد البري” المتوطنين بمنطقة الجبال العالية داخل حدود محمية سانت كاترين، ويقدمان خدمات بيئية كثيرة، تم إدراجهما كأنواع مهددة بالانقراض بدرجة حرجة، كما أن هناك 14 نوعًا من الـ45 نباتًا موجودة في سانت كاترين فقط.
كما رصدت وكالة أنباء الشرق الأوسط -في تقرير اليوم الثلاثاء- جانبًا جديدًا لآثار التغيرات المناخية على التنوع البيولوجي وتحديدًا التنوع البيولوجي النباتي، حيث أشار بعض الباحثين إلى أن العالم معرض لموجة الانقراض السادسة وأن التنوع النباتي مهدد، ويعد النطاق الجغرافي الصغير أحد أقوى العوامل التي تنبئ بخطر الانقراض في الأنواع البرية، حيث يزداد الضعف البيئي مع تناقص حجم السكان، وفي حين أننا ندرك جيدًا أن معدلات الانقراض حاليًا تطغى على الخلفية، لا يزال من الأهمية بمكان أن يتم قياس حالات الانقراض لتحسين التقديرات الدقيقة والتنبؤات بالانقراض.
وفي هذا الشأن، يقول الدكتور كريم عمر، الخبير الدولي في مجال صون التنوع البيولوجي المدير الفني لمشروع بناء القدرات (CB3)، لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن خطة استعادة الأنواع وإجراءات الحفظ تعد الخطوات المناسبة للأنواع المهددة حاليًا والتي عانت بالفعل من خسائر فادحة في أعدادها أو هي في حالة تدهور سريع بحيث من المحتمل أن يحدث الانقراض الجزئي أو الكلي في غضون عقود، ولإنشاء برنامج صيانة فعال للأنواع المستهدفة، يجب أن يتم جمع كل المعلومات الموثوقة عن التوزيع الجغرافي، وهيكل السكان، والبيئة والموائل، والتهديدات، والاستخدامات، وغيرها من البيانات ذات الصلة للأنواع المستهدفة.
وعلى المستوى الوطني، أشار الدكتور كريم إلى قيام وزارة البيئة بتحديث الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي وخطة العمل الوطنية للأعوام 2015 – 2030، والتي كان من أحد أهدافها الحفاظ على الأنواع المستوطنة والمهددة بالانقراض وإدارتها وفقًا للمعايير الدولية بالتوازي مع تحقيق أهداف “ايشي 1 و11 و12″، منوهًا بأن وزارة البيئة ممثلة في قطاع حماية الطبيعة، تتخذ خطوات جادة لحماية التنوع البيولوجي داخل وخارج المحميات الطبيعية باستخدام القواعد الدولية لاتفاقية التنوع البيولوجي والقانون الوطني (102/1983).
وأوضح أن هذه الخطوات تتمثل في إعلان المناطق المحمية، المراقبة المستمرة للتهديدات والضغوط بهدف الحد منها والسيطرة عليها وبعض أنشطة الصيانة في الموقع وخارجه، كما تهدف إلى تعميم الحفاظ على التنوع البيولوجي في خطط العمل الحكومية، وزيادة الوعي بأهمية حماية النقاط الساخنة للتنوع البيولوجي في مصر.
ولفت إلى أنه خلال العقود القليلة الماضية لوحظ تغير المناخ بشكل كبير فقد ثبت أن هذا الاحترار العالمي له تأثير كبير على التنوع البيولوجي، والتوزيع الجغرافي للأنواع المختلفة، وانقراض الأنواع النباتية في جميع أنحاء العالم، وهذا التأثير المروع دعا دول العالم إلى الالتقاء في قمة الأرض عام 1992 في ريو دي جانيرو، وتم الإعلان عن اتفاقيتين مهمتين: اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) لتثبيت تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، واتفاقية التنوع البيولوجي (CBD) للحفاظ على التنوع البيولوجي على الأرض.
وأشار إلى أنه بين هاتين الاتفاقيتين، تنشأ العديد من العلاقات المتبادلة لأن تغير المناخ يمكن اعتباره أحد التهديدات المهمة للتنوع البيولوجي وأن بعض الإجراءات المقترحة للتخفيف من تأثير تغير المناخ قد تشكل دعم لحالة التنوع البيولوجي، فيما أوصت الاتفاقيتان بجمع وتحليل البيانات المتعلقة بتأثير تغير المناخ على التنوع البيولوجي وإقامة تآزر مشترك.
وقال الدكتور كريم إنه يوجد أكثر من 2300 نوع نباتي موجود في مصر، منهم 45 متوطنًا تم إدراج 11 نوعا كأنواع مهددة عالميًا على القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة حيث يعد نطاق التوزيع وحجم العشائر لتلك الأنواع الـ11 صغيرًا للغاية ومهددًا بشدة من قبل الأنشطة البشرية المستمرة (الإفراط في الحصاد والرعي) التي تدفعها إلى حافة الانقراض بسرعة كبيرة، وقد كشفت الدراسات السابقة التي قمنا بها مع فريق العمل بأن هناك انخفاضًا مستمرًا في جودة الموائل وعدد المواقع لهذه الأنواع.
وأضاف أنه من بين تلك الأنواع نباتات “خص الجبل” و”الورد البري” المتوطنين بمنطقة الجبال العالية داخل حدود محمية سانت كاترين وتم إدراجهما كأنواع مهددة بالانقراض بدرجة حرجة حيث تتعرض هذه النباتات للتدمير والتدهور المستمر والسريع نتيجة تغير المناخ والجفاف، ولا توجد معلومات أساسية بشكل كامل حيث تتطلب معرفة التأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية مزيدًا من البحث والدراسة لفهم آلية التغيير متبوعة بوضع خطط إدارة لبرامج التكيف.
وأوضح أنه نجح مع فريقه في معرفة العوامل البيئية التي تتحكم في توزيع نباتات خص الجبل والورد البري، وأنه بالرغم من انخفاض معدلات البقاء على قيد الحياة للشتلات، والتي وصلت إلى 1% من البذور النابتة بعد 8 أشهر من الإنبات في نبات خص الجبل، فقد زاد النطاق الجغرافي بنسبة 230٪، والتي إذا استمرت يمكن أن تساعد في تقليل الضغوط على هذا النوع وكذلك تقليل خطر الانقراض.
وأشار إلى أنه بالنسبة لنبات الورد البري فبعد عام من زراعة النبات في البرية، تراوح معدل البقاء على قيد الحياة من 66% إلى 100%، وزاد النطاق الجغرافي بنسبة 65%، وحجم السكان بنسبة 6.8%، والذي يعد نجاحًا إذا استمرت الأفراد الجدد في النمو والتكيف، فقد يؤدي ذلك إلى توسع قدرة النبات على التأقلم مع مدى أوسع من العوامل المناخية والطبوغرافية والتي من المحتمل أن تزيد من مقاومة النبات للمهددات المناخية.
ونوه بأن تنفيذ برامج للتوعية وبناء القدرات لمجموعات مختلفة من المجتمع (المجتمعات المحلية، الباحثون، الطلاب، المنظمات غير الحكومية، القطاع الخاص) داخل وخارج المحميات الطبيعية حول قضايا تغير المناخ وتأثيرها على توزيع تلك الأنواع وتأثيرها على البعد الاقتصادي والاجتماعي سيكون أمرًا حيويًا.
وأشار إلى تزايد الأدلة على أن تدهور الموائل، والإفراط في استخدام الموارد الطبيعية، وإزالة الغابات، وتفشي الأنواع الغازية وتغير المناخ قد أدى إلى فقدان جزء كبير من التنوع البيولوجي بالنسبة للعديد من البلدان، لافتًا إلى أن البيانات غير الكاملة غالبًا ما تعرقل برامج الحماية الفعالة للتنوع البيولوجي، وعملية سد هذه الفجوات تمثل تحديًا هائلًا للحكومات في البلدان النامية، وبالتالي من الممكن أن تنقرض بعض الأنواع قبل جمع معلومات دقيقة عنها.
وقال إنه على المستوى الإقليمي، هناك دراسة تمت عام 2018 بواسطة علماء في مجال البيئة النباتية حيث تم رصد انخفاض مستمر في التنوع النباتي في جنوب وشرق البحر المتوسط، وأوصوا بأن تتضمن برامج واستراتيجيات الحفظ الإقليمية والوطنية خطط عمل وبرامج محددة تعالج على وجه التحديد حماية النباتات المتوطنة والمهددة بالانقراض، من أجل وقف فقد التنوع البيولوجي، كما أشاروا إلى الحاجة إلى استكمال وتحديث القوائم الحمراء للأنواع المهددة وأن تلك الإجراءات ستوفر مصدرًا مفيدًا للمعلومات حول مخاطر الانقراض والتهديدات والاتجاهات للأنواع التي يمكن استخدامها لدعم الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية.
وحول الدور الذي يقوم به السكان المحليون داخل المحميات، أكد الخبير الدولي في مجال صون التنوع البيولوجي الحرص الدائم على دمج المجتمعات المحلية داخل محمياتهم الطبيعية ما أسهم في جعلهم حراسًا للطبيعة داخل محمياتهم بحيث يسهمون في الحفاظ عليها وعلى تراثهم الثقافي، فهم شركاء لنا في كل برامج الصون.