
أكد المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، أن مناقشة مشروع قانون الإيجار القديم تمثل محطة فارقة في تاريخ العمل التشريعي، نظرًا لما تحمله من تحديات اجتماعية وإنسانية واقتصادية شائكة تمس شريحة واسعة من المواطنين، سواء من الملاك أو المستأجرين.
جاء ذلك خلال كلمته بالجلسة العامة لمجلس النواب، حيث شدد جبالي على أن الأزمة المرتبطة بالإيجار القديم فرضتها ظروف استثنائية مرت بها البلاد في حقب سابقة، واضطرت السلطات آنذاك إلى الخروج على المبادئ الدستورية المستقرة، كحظر التعدي على الملكية الخاصة ومبدأ سلطان الإرادة في التعاقد، من أجل الحفاظ على التضامن الاجتماعي ومنع تشريد آلاف الأسر.
وأوضح رئيس المجلس أن تدخل الدولة في تنظيم العلاقة الإيجارية كان استثنائيًا، وتحول عقد الإيجار إلى علاقة غير محددة المدة تمتد لأقارب المستأجر حتى الدرجة الثالثة، وهو ما أقرته أحكام القضاء في حينه لتفادي آثار اجتماعية جسيمة.
وأشار جبالي إلى أن المحكمة الدستورية العليا لعبت دورًا محوريًا في ضبط هذا الامتداد القانوني لعقود الإيجار، بدءًا من عام 1995 حتى عام 2002، حيث بدأت في تقييد الامتداد تدريجيًا وصولاً لقصره على الجيل الأول فقط. ولفت إلى أن المحكمة أكدت مرارًا أن قوانين الإيجار القديم ذات طبيعة استثنائية ومؤقتة مهما طال أمدها، وينبغي مراجعتها باستمرار لتحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية.
وفي هذا السياق، نوه جبالي إلى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 24 لسنة 20 قضائية، بجلسة 9 نوفمبر 2024، الذي شدد على حق المشرع في التدخل لتنظيم الامتداد القانوني وتحديد القيمة الإيجارية، باعتبارها مسائل لا تستعصي على التعديل التشريعي.
واختتم رئيس المجلس كلمته برسالة موجهة للحكومة، أكد فيها أن نجاح مشروع القانون لا يرتكز فقط على أحكامه القانونية، بل يتطلب التزامًا حكوميًا واضحًا بتوفير بدائل سكنية آمنة ومناسبة للفئات الأولى بالرعاية، قائلاً: “لا يُتصور أن يُترك مواطن بلا مأوى أو يُزاح من مسكنه دون أن يجد بديلاً يصون كرامته الإنسانية ويحفظ للمجتمع أمنه واستقراره”.