fbpx

طبيب بأجرة تمرجي ومهام شغل الـDirty

29 نوفمبر 2020آخر تحديث :
كتبت: ياسمين عبد السلام
طبيب
طبيب

“اليوم اللي بيتكرر والأيام اللي شبه بعضها، حاسة إني محطوطة في غسالة وكل شوية حد يدوس على الزرار وألف نفس اللفة كل مرة وكل ما اخرج واقول هاخد نفسي اتحط تاني في العصارة ودوخيني يا لمونة ..

ربنا يعدي السنة دي على خير”، هكذا كتبت على صفحتها الشخصية على الفيسبوك قبل عام تقريبا من تخرجها وهي في السنة السادسة من كلية “المطحونين في الأرض” كما وصفت هي نفسها وزملائها، “كلية طب”، تلك الكلية التي لا يمر عليك يوم وانت ملتحق بها إلا وأن تجد المحاضرات والراوندات والسكاشن والامتحانات تلاحقك في كل مادة وبكل عام،

حتى وصلت إلى السنة السادسة، سنة الخلاص كما كانت تعتقد، وبيناير 2019 ظهرت نتيجة اختباراتها ونجحت وأصبحت رسميا الطبيبة آية مجدي المتخرجة بطب القصر العيني جامعة القاهرة، لكنها لم تكن تعلم أنه بانتظارها عاما آخر لا راحة فيه.

محتويات المقال

طبيب الامتياز ممرض وعامل

“سنة الامتياز دي سنة البهدلة .. بننتقل من مرحلة الدراسة بس لمواجهة المرضى والعالم الخارجي ولكن تحت إشراف الأطباء الكبار .. طبيب الامتياز مايقدرش ياخد قرار لوحده”، فبعد أن تخرجت آية وبدأت السنة السابعة بكلية الطب سنة الامتياز والتي أتت تكليفها بها بمستشفى القصر العيني، دخلت إلى عالم لم تكن تعرف أنها ستكون بديلا للعاملين والممرضين به، ولم تكن تعلم أيضا أنها ستعمل كموظفة بنظام “الشيفتات” 8 ساعات وأحيانا 12 أو أكثر ولمدة 6 أيام أسبوعيا لتحصل في نهاية الشهر على مبلغ يتراوح ما بين 400 إلى 700 جنيها، غير أنها هي وزملائها لا يعاملون كموظفين بالمعنى المتعارف عليه، فالطبيب لا ترتبط مواعيد راحته بالاجازات الرسمية، فهذا المفهوم لا ينطبق على هذه المهنة.

“مطلوب مننا نعمل أدوار ماتخصناش وننجز مهام هي في الأصل مهام العمال ولو اتكلمنا هيقولك ده واجبك كطبيب والمقابل أنك بتتعلم”، منغصات تواجه آية يوميا أثناء تأدية عملها كطبيبة امتياز، فالمطلوب منها أن تذهب بنفسها لجلب أكياس الدم للمرضى المحجوزين بالمستشفى أو حجز الأشعة والذهاب بالمرضى إلى مكاتب الموظفين بأوراقهم الخاصة بهم وبحالتهم المرضية إلى مقر القصر العيني لإنجاز الأمور الإدارية التي لن يجد المريض من يعتني به فيها إلا بمعاونة أطباء الامتياز، وهي مسئولية ليست هينة، فالتعامل مع الموظفيين أمرا شاقا ايضا ويزيد من حدة التوتر والضغط العصبي الذي دائما ما يشعر به الطبيب، “تفضل تلف على مدام عنيات ومدام فتكات عشان تمضيلك الورق وتديلك ميعاد”.

طبيب بنص مرتب الموظف

“بتروح تمضي من 8 الصبح وتمشي 3 عصر حتى لو معندكش شغل لكن هتنزل اليوم بردو وهيتحسب عليك لو مانزلتش ومعندكش اختيار”، مشكلة أخرى تواجهها آية أياما كثيرة، إلى جانب أن المقابل المادي مقابل جميع تلك المهام يكاد يكون معدوما أو يكفي مواصلاتهم اليومية فقط، وليس من حق طبيب الامتياز العمل بأي مكان آخر فهو طبيب لم يحصل بعد على شهادة تسمح له بمزاولة المهنة، إلى جانب أنه ليس هناك قانونا يحميه فهو لم ينتمي لنقابة الأطباء بعد، فهي “سنة من البهدلة وقلة القيمة”، كما وصفتها آية.

“الطبيعي بتاعنا بقينا نقعد بالـ 24 ساعة في القصر وممكن اخد شيفتين متواصل فبنطر ننام هناك لو فيه ساعتين فاضيين”، فبالسكن الملحق بالقصر العيني يستريح الأطباء قليلا من الوقت ما بين فترة عمل وأخرى، وإن كانت هناك حالات طواريء فمن الممكن أن يظل الطبيب لأكثر من 4 أيام متواصلة دون نوم أو راحة، هكذا هي حياة طبيب الامتياز.

“بكرة بداية الحلم .. ازاي سنة سادسة جريت بسرعة كدة .. 6 سنين عدوا بحلوهم ومرهم خدوا من روحنا وصحتنا ونفسيتنا والحمد لله خلاص، اخر مرة نمتحن ويجيلنا أسئلة نكتب فيها قصة حياتنا .. باقي من الزمن ساعات قليلة”، عبارات كتبتها على صفحتها الشخصية على الفيسبوك قبل أن تنتهي من آخر اختباراتها الجامعية بكلية الطب لتنتقل إلى السنة السابعة، سنة الامتياز، وما أدراك ما يعانيه طبيب الامتياز.

“أيام كتير بتضيع ووقت بيروح بدون أي استفادة لكن مايمنعش إننا بنتعلم حاجات كتير من النواب اللي أقدم وأكبر مننا وأكثر خبرة”، هكذا قالت سارة أحمد الطبيبة بطب القصر العيني، التي لا يختلف حالها كثيرا عن آية، فأوقاتا كثيرة ما تعمل سارة كبديل للعاملين داخل المستشفى وللفنيين ايضا في بعض الأحيان وليس لها حق الاعتراض، كما أنها تجد في ذلك ضرورة في بعض الأحيان، فالمريض أن لم يلبوا هم احتياجاته لم يجد من يساعده، “لو اعترضنا بيقولولنا واحنا في سنكم كنا بنعمل كدة عشان نتعلم، ده غير أن الغلابة كتير وهما اللي هيضروا لو احنا رفضنا”.

الطب منظومة تحتاج لإعادة هيكلة

“أي حاجة بنتعلمها بنتعلمها بمجهود ذاتي واحنا بنعلم بعض، وبصراحة النواب الأطباء الأكبر مننا ليهم عذرهم بيفضلوا صاحيين بالـ 3 أو 4 أيام بدون راحة”، تحدثت سارة عن الدائرة المغلقة التي يعمل بداخلها الطبيب والمنظومة التي بحاجة إلى إعادة هيكلة من بدايتها حتى تتمكن الأجيال القادمة من التعلم الصحيح.

بنشتغل شغل ديرتي

وباستماعك إلى سحر جمال طبيبة بطب عين شمس، ستدرك أن جميعهم مشاكلهم واحدة حتى وإن اختلفت أماكن تكليفاتهم، فتقضي سحر سنة الامتياز هذه بمستشفى الدمرداش والتي تحصل منها على مقابل مادي ضعيف للغاية كما أكدت، وبإطلاقها ضحكة عالية ساخرة قالت “بنقوم بمهام موظفين المستشفى بيسموها ديرتي عشان بنشتغل شغل العمال والتمريض”، مضيفة “الدكاترة مابيعلموناش حاجة ومش مسموح لينا نروح نتعلم في مكان تاني أو نشتغل وظيفة تانية”.

فسحر قضت سنة الامتياز الخاصة بها على مدتين، أو كما قسمتها هي إلى 6 أشهر خارج مستشفى الدمرداش وبأماكن مختلفة والستة أشهر الآخرين داخل الدمرداش، وذلك من خلال اثنتي عشرة ساعة أسبوعيا، موضحة أنها تعمل كفولنتير أي تقوم بالنزول إلى المستشفى في أوقات ليلية غير أوقات عملها كي تكتسب خبرة وتتعلم، حيث أنها لا تستفاد شيئا في أوقات عملها.

وفي سياق آخر، أشارت سحر إلى أن ما تراه من مميزات في هذه السنة، هي أنها تختلف عن باقي سنوات كلية الطب، فالطالب أو الطبيب لديه وقت فراغ كامل بمجرد وصوله للمنزل، فوقته ليس ملكا للكلية أو المزاكرة والمراجعة لآداء الامتحانات، مما يمكن أطباء الامتياز من الذهاب إلى أي مستشفى ومشاهدة ما يرغبون حتى يتمكنوا من اختيار التخصص الذي يرغبون فيه بعد اكتساب الخبرة اللازمة.