fbpx

العلامة الدكتور طه خضير رحلة علم بدأت من الحوامدية وجابت أرجاء العالم

26 يناير 2021آخر تحديث :
بقلم عماد جبر
العلامة الدكتور طه خضير رحلة علم بدأت من الحوامدية وجابت أرجاء العالم
المغفور له بإذن الله الدكتور طه عبد السلام خضير

هو فارس من فرسان الأمة الإسلامية، صاحبُ الأثر البالغ، والتأثير الكبير، والنفع الغزير، وصاحب وقته في العلم والعمل، رحل الدكتور طه عبد السلام خضير رحمه الله تعالى، وقد هَزّ برحيله أوتادًا راسية

شرفت بالحديث معه من خلال حوار صحفى اجريته معه فى منزله بمدينة الحوامدية فى محافظة الجيزة عام 2016 وكنت من سعداء الحظ لانى تعلمت منه الكثير وأهدانى أحد مؤلفاته الجليلة وقال لى وقتها انه تعلم الموسيقى من أجل القرأن فالموسيقى تعطى عزوبه للروح .

فاعلمنا الجليل الدكتور طه خضير من يقال عنه هذا الحديث الشريف روى الإمام الترمذي في سننه: (عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: ” كنّا عند النّبي ﷺ فشَخَصَ ببصره إلى السماء، ثُم قال: هذا أوانٌ يُخْتَلَسُ العلَمُ منَ الناسِ حتى لا يقدِروا منه على شيءٍ فقال زيادُ بنُ لبيدِ الأنصاريُّ كيف يُخْتَلَسُ منا وقدْ قرأْنَا القرآنَ فواللهِ لنقرأنَّهُ ولنُقْرِئَنَّهُ نساءَنا وأبناءَنا فقال ثَكِلَتْكَ أمُّكَ يا زيادُ إِنْ كنتُ لأَعُدُّكَ منَ فقهاءِ أهلِ المدينةِ هذه التوراةُ والإِنجيلُ عندَ اليهودِ والنصارى فماذا تُغْنِي عنهم قال جُبَيْرُ فلقيتُ عُبادَةَ بنَ الصامِتِ قلتُ ألا تسمعْ إلى ما يقولُ أخوك أبو الدرداءِ فأخبرْتُهُ بالذي قال أبو الدرداءِ قال صدق أبو الدرداءِ إِنْ شئتَ لأُحَدِّثَنَّكَ بأوِّلِ علْمٍ يُرْفَعُ منَ الناسِ الخشوعُ يوشِكُ أنْ تدخُلَ مسجِدَ جماعَةٍ فلا تَرَى فيه رجلًا خاشِعًا). وفي رواية ابن ماجه: “أَوَليس اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل لا يعملون بشيء مِمّا فيهما؟”.

والمعنى: أن العلم يذهب بذهاب العلماء العاملين به، وإن قيمة العلم تكون بالعمل به، فالعاملون من العلماء هم الذين يعلمون الناس بسلوكهم وأحوالهم ومواقفهم قبل دروسهم ومحاضراتهم ومواعظهم، وهؤلاء الذين يوصفون بالربانيين، المهتدين بهدي النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يصبح هديه متجسدًا في سلوكهم وأحوالهم، ولهذا أمر الله تعالى بالاقتداء بهم، قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ ]الأنعام: 90[ ونرجوا الله تعالى أن يكون شيخنا الراحل منهم، لشهادة الناس بموافقة حاله للإرث النبوي الذي حمله ونشره بين الناس رحمه الله تعالى.

هو الدكتور طه عبد السلام خضير ولد فى مدينة الحوامدية محافظة الجيزة فى تاريخ 3-2-1927

كان لمَنبَته وأسرته الأثر الكبير في توجهه وإخلاصه، وشغفه بالعلم والمعرفة، وتعلق قلبه بحب المصطفى صلى الله عليه وسلم منذ نعومة أظفاره من خلال استحسان ما يرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم من العمل، فترعرع في ظل أبيه على هذه التنشئة،

وكان له الأثر البالغ في التوجه نحو تعلم العلوم الشرعية بشغف وحب، فعرف عنه التفوق العلمي والنبوغ في جميع مراحل الدراسة.

فقد ظهر نبوغه منذ سنوات عمره الأولى فقد اتم حفظ القران الكريم فى سن السابعة من عمره مع الحفظ الكامل لأحكام التجويد والتحق بعد ذلك بالازهر الشريف فى سن الحادية عشر وحفظ القران على يد الشيخ عبد المنعم الخيال وحصل على الترتيب الخامس على مستوى الجمهورية فى المرحلة الابتدائية وحصل على الترتيب السادس فى الثانوية العامة على مستوى الجمهورية وتعلم الخطابا وكان يخطب فى سن الحادية عشر من عمره فى مسجد الزاويا بمنى الامير بمدينة الحوامدية وعمل فى صغره مقرئ فى الحفلات الدينية لكى يساعد والده فى النفقات الشخصية وحاز على إجازة القراءات من شيخ متخصص وعمل امام وخطيب لوزارة الاوقاف المصرية

حصل الدكتور طه خضير على شهادة العالمية “الليسانس” فى كلية اصول الدين سنة 1954 ومن الامور التى تدل على موسوعيته واهتمامه لشتى صنوف العلم انه حصل على دبلومة الموسيقى سنة 1954 فى التواشيخ الدينية وكان محباً للشيخ طه الفشنى وعلى محمود

بدأ الدكتور طه خضير نشاطه في التعليم مباشرة بعد تخرجه مدرسا بالمعاهد الازهرية بداية من عام  1956 حتى 1975 واستكمل دراسته فى كلية اصول الدين وحصل على الماجستير عام 1968 ثم الدكتوراه عام 1974 وتدرج فى الوظائف فى كلية اصول الدين حتى عين مُدرس بكلية اصول الدين سنة 1975 حتى 1985 ثم استاذ مساعد ثم استاذ بالكلية من عام 1985 حتى عام 2000 وحصل على استاذ متفرغ من عام 2000

وعمل الدكتور طه بالمملكة العربية السعودية استاذاً بكلية البنات بجدة وكانت الاذاعة السعودية بجدة تذيع له حديثا اسبوعيا كما كان له حديثا اسبوعيا بالمدينة المنورة عندما كان مدرس بكلية البنات بالمدينة المنورة

وفى مصر كان له العديد من الحلقات الدينية فى اذاعة القران الكريم والبرنامج العام ولم يكتفى الدكتور طه بنشر علمه من خلال الاذاعة فقط فقد حاضر العديد من الندوات والمؤتمرات وتعلم على يده عدد 2 دكتور ازهرى القراءات السبع وعالم امام بمسجد شبرا

عمل كرئيس لجنة القران الكريم بالمجلس الاعلى للشئون الاسلامية ثم رئيسا للجنة الفكر الحضارى الاسلامى

ساهم الدكتور طه خضير فى امداد المكتبة الاسلامية بالعديد من المؤلفات منها دستور حياة المسلم فى ضوء القران والسنة – جميل التعرف للاخلاق والتصوف – السعادة القصوى فى فلسفة بن مسكوية

ونشر حديث بمجلة منبر الاسلام والتى يتولى نشرها المجلس الاعلى للشئون الاسلامية

وقد شهد له العلماء وأهل الاختصاص في عصره بتميزه في علوم السنة النبوية وكانوا يقدمونه على من سواه في هذا الباب، ويستشيرونه في تعليمها وتدريسها، وتميزت خبراته الكبيرة في تطوير مناهج التكوين العلمي لطلاب الجامعة بالإضافة إلى غيرها من كليات الدراسات

وكان رحمه الله تعالى يولي طلاب العلم عناية خاصة ويُظهر اهتمامًا بهم غير مسبوق، فكثيرًا ما كان يعود الطلاب الذين يقيمون في المساجد ويتفقد أحوالهم، ويوجه في قضاء حوائجهم، ويوصي بهم القيمين على المساجد، وكثيرًا ما كان يُهديهم نسخًا من كتبه تشجيعًا لهم على الدراسة وطلب العلم.

  • كان رحمه الله تعالى يحرص على أخذ طلابه بالعزيمة، وكثيرًا ما كان ينبه المتكاسلين منهم على رفع الهمة برفق وأسلوب فريد ينقل حالهم بشكل عجيب إلى الأخذ بالعزيمة وترك الترخص وكثرة المطالعة والدراسة دون انقطاع، وكان كثير التكرار لعبارة “ورد طالب العلم شغفه بالعلم”، ويكرر علينا لاقول المأثور: “أعط العلم كلّك ليعطيك بعضه”.
  • كان كثير الاطلاع دقيق العبارة، لا يهتم لمن يقتبس من كتبه وينشر، فيأتيه الطلاب بهذا وذاك، فيقول لهم: “الحمد لله أننا نُقلَّد ولا نُقَلِّد غيرنا”.
  • يحذر الطلاب من الانشغال بالمجريات السياسية، ويحثهم على صرف الوقت في العلم والعمل، والنهوض بالهمم لمقاومة الأفعال السياسية بنشر العلم والمعرفة، وهذا المنهج هو الذي سيعطل مخططات السياسيين، وكان هذا نهجه حتى لقي الله تعالى
  • ومن أقواله التي كان يتعهدنا فيها: “صدق الرجل ينجيه من مخاوفه”، وقال في أكثر من مناسبة: “المصداقية بتطابق الأفعال مع المعتقدات تجعل الخصوم تحترمك”.

رحمه الله تعالى وجزاه عنا وعن الأمة خير ما جزى مُعلمًا عن طلابه وعالِمًا عن أمته، أمدّ الانتفاع بعلمه إلى قيام الساعة، وحقق فيه لذة النظر إلى وجهه الكريم عملاً بقوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾  ]القيامة: 22-23[.    والحمد لله رب العالمين