في أعقاب ثورة 30 يونيو، شهدت مصر تحولات عميقة في بنيتها الإدارية والخدمية، كان من أبرزها تطوير منظومة التموين لتصبح أحد أقوى أدوات الدولة في تحقيق الأمن الغذائي، واحتواء تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية، وتخفيف العبء عن كاهل محدودي الدخل، من خلال منظومة رقمية ذكية تُدار بكفاءة عالية.
إعادة هيكلة متكاملة تضمن العدالة الاجتماعية
بدأت وزارة التموين والتجارة الداخلية بإعادة هيكلة شاملة لمنظومة الدعم التمويني، من خلال تنقية قواعد بيانات المستفيدين، لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين. وبلغ عدد المستفيدين نحو 64 مليون مواطن، يحصلون على أكثر من 30 سلعة أساسية بأسعار مدعومة، عبر ما يزيد على 30 ألف منفذ تمويني في أنحاء الجمهورية.
وفي ملف الخبز المدعوم، حافظت الدولة على صرف 5 أرغفة يوميًا للفرد من خلال بطاقة التموين، مع تطوير أكثر من 30 ألف مخبز بلدي وربطها إلكترونيًا، مما ساهم في رفع جودة الرغيف وتقليل الفاقد.
التحول الرقمي يقود خدمات التموين للمواطن
في خطوة تعكس التوجه نحو الرقمنة، أطلقت الوزارة منصات إلكترونية مثل “دعم مصر” و**”بوابة مصر الرقمية”**، لتسهيل الخدمات التموينية، وتمكين المواطنين من إدارة بطاقاتهم بأنفسهم، سواء عبر إصدار بدل فاقد أو تحديث البيانات، بالإضافة إلى انتشار ماكينات صرف ذكية في المنافذ التموينية.
مخازن استراتيجية وآليات استباقية لمواجهة الأزمات
ضمن خطة الدولة لتحقيق استدامة في الأمن الغذائي، تم إطلاق مشروع المخازن الاستراتيجية العملاقة في عدد من المحافظات، لتأمين احتياطي استراتيجي من السلع الأساسية يغطي أكثر من 6 أشهر، بالتعاون بين وزارة التموين، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والقطاع الخاص.
وفي مواجهة أزمات عالمية مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، أثبتت المنظومة التموينية قدرتها على الصمود، دون تسجيل أي نقص في السلع الأساسية، بفضل سياسة إدارة رشيدة للمخزون، واستراتيجيات توريد مرنة.
استثمارات في الأسواق والمناطق اللوجستية
لم يقتصر التطوير على الدعم السلعي فقط، بل امتد إلى بناء أسواق منظمة ومناطق لوجستية متطورة، حيث أنشأت الدولة أكثر من 14 منطقة تجارية ولوجستية ساهمت في تقليل حلقات تداول السلع وخفض الأسعار للمستهلكين. كما أسهم جهاز تنمية التجارة الداخلية في جذب استثمارات تجاوزت 50 مليار جنيه خلال سنوات قليلة.
حملات رقابية ومبادرات مجتمعية تدعم المواطن
تكثفت الحملات الرقابية لضبط الأسواق ومنع الممارسات الاحتكارية، بالتنسيق مع اتحاد الغرف التجارية والجهات الرقابية، مما أسفر عن تحسن ملحوظ في انضباط الأسعار. كما تم إطلاق مبادرات اجتماعية موسمية مثل “أهلاً رمضان”، “أهلاً مدارس”، و”كلنا واحد”، بالتعاون مع القطاع الخاص، لتوفير السلع بأسعار مناسبة خلال المواسم.
من الدعم إلى الإدارة الذكية.. التموين في مصر قصة نجاح مستمرة
خلال عقد واحد، تحولت منظومة التموين من مجرد أداة لصرف السلع إلى منظومة متكاملة تُدار بعقلية تكنولوجية حديثة تجمع بين الرقابة الفعالة، والدعم العادل، والإدارة الرقمية، وتخطيط المخزون الاستراتيجي، مما يجعلها نموذجًا رائدًا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويعكس رؤية الدولة التي تضع المواطن في قلب عملية الإصلاح.